دخل تهويد مدينة القدس الشريف- وفي القلب منها المسجد الأقصى- مرحلةً خطيرةً، بعد قيام الصهاينة بافتتاح "كنيس الخراب" الذي يعدُّ طبقًا لخرافاتهم مقدمةً لهدم المسجد الأقصى الشريف.
وقد شهدت المدينة العديد من التجاوزات في محيط المسجد الأقصى والأماكن القريبة منه؛ نتيجة الهبَّة الشعبية لأهل الضفة الغربية، إلا أنه وفي نفس الوقت الذي تنتفض فيه الشعوب من أجل الدفاع عن مقدساتهم فإن الأنظمة العربية- وبما فيها السلطة الفلسطينية- تقف بالمرصاد؛ لا لتهويد القدس، وإنما لكل الفعاليات التي تقوم بها الشعوب.
ففي الضفة تقوم السلطة الفلسطينية بمنع المظاهرات الرافضة للتهويد، بل تتخذ كلَّ الإجراءات الكفيلة بمنع أية انتفاضة فلسطينية ثالثة.
وفي مصر المشهد ليس بعيدًا؛ حيث الاعتقالات المتواصلة للإخوان المسلمين، الذين خرجوا يوم الجمعة الماضي 12/3/2010م من أجل نجدة القدس وحماية المسجد الأقصى الشريف.
وفي ظلِّ ما يجري ويتسارع الآن على الساحة فإننا نؤكد الآتي:
أولاً: محاولة الصهاينة تهويد القدس الشريف
1- الإخوان المسلمون ماضون في طريقهم الرافض للمخططات الصهيونية الرامية للاستيلاء على القدس الشريف؛ لأن الأقصى هو قضيتنا الأساسية وقضية الأمة بأسرها، ولن نتخاذل عنها، مهما كانت الضغوط، ومهما كلفنا ذلك.
2- على الأنظمة العربية والإسلامية أن تخرج من صمتها المخزي تجاه الممارسات الصهيونية، وتعلن رفضها لمجرد المساس بالمسجد الأقصى الشريف، من خلال وقف التطبيع مع الدول التي وقََّّعت اتفاقيات مرفوضة مع الكيان الصهيوني، وطرد سفراء الصهاينة، وسحب سفرائنا، ووقف كافة أشكال التطبيع معهم، وأن تترك الأنظمة شعوبها؛ للتعبير عن غضبتها الرافضة للتهويد وهدم المسجد الأقصى.
3- أن يقوم الإعلام العربي بدوره المنوط به، معتبرًا أن القضية الفلسطينية قضيةٌ محوريةٌ بالنسبة له، بفضح تجاوزات الكيان الصهيوني، وفضح الصمت الغربي المخزي، سواء المؤسسات الدولية المعنية أو الدول الأوروبية التي تتشدق بالدفاع عن الإنسانية، كما يجب على الإعلام- وخاصةً المستقل- أن يكشف تخاذل الأنظمة العربية، وأن يكون صوتًا مسموعًا لما يحدث للمسجد الأقصى.
4- يجب على الشعوب العربية والإسلامية أن يكون لها وقفةٌ جادةٌ ومؤثرة، سواء للضغط على الأنظمة من أجل دعم القضية الفلسطينية، وكذلك رفض أهداف الأنظمة في كبح صوت الشعوب الرافضة لهذه المخططات المدعومة أمريكيًّا والمرضيّ عنها أوروبيًّا والمسكوت عنها عربيًّا وإسلاميًّا.
5- على جامعة الدول العربية أن تسحب بشكلٍ عاجلٍ مبادرتها المطروحة منذ عام 2002م، وكذلك موافقتها على أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع الكيان الصهيوني.
6- يجب على الفصائل الفلسطينية أن تنبذ خلافاتها وتتخذ من قضية الأقصى أمرًا يوجب توحيد جهودها.
ثانيًا: الإخوان المسلمون وفعاليات الإصلاح على الساحة المصرية
1- مما لا شك فيه أن الحراك السياسي والشعبي الفعال من أجل الإصلاح لن يتحقق إلا بتضافر كافة القوى السياسية والشعبية وتوحدها حول حزمة مطالب رئيسية لا يختلف عليها أحد، وفي مقدمتها الحرية للجميع وإنهاء حالة الطوارئ والإشراف القضائي التام على الانتخابات لضمان عدم التزوير وحرية إقامة الأحزاب وإصدار الصحف.
2- يؤكد الإخوان المسلمون أنهم ضد ما يُسمَّى بالصفقات الانتخابية، ونرى أن الحزب الحاكم لا يريد أي انتعاشة في الحياة السياسية داخل مصر؛ لأن هذا معناه فضح الفساد المنتشر في كافة قطاعات الدولة، وأن الإخوان يحتكمون في الأساس إلى رأي الشعب المصري واختياره، والذي يجب أن نترك له الحرية الكاملة لاختيار رؤسائه وممثليه في المجالس النيابية والمحلية.
3- النظام القائم يسعى لتفتيت أي توحد للمعارضة المصرية، عن طريق تشويه صورتها، والتشكيك في نزاهتها، وإشعال نار الفتن بينها، وهو ما يفرض على كل القوى الوطنية أن تحذِّر منها، وأن تنتبه إلى خطورة مثل هذا التفتيت والتشويه على خطوات الإصلاح.
4- استمرار حملات الاعتقال في صفوف الإخوان، وتحدِّي النظام وأمنه قرارات النيابة العامة وأحكام القضاء التي تقضي بالإفراج عن المعتقلين؛ يؤكد أن مصر تعيش أزمةً حقيقيةً في ملف الحريات وحقوق الإنسان، وأنه يجب على النظام الحاكم أن يتراجع عن عناده في علاقته بالمعارضة الحية في مصر، خاصةً في هذا الوقت العصيب الذي تمرُّ به أمتنا العربية والإسلامية، ونُحذِّر من نتائج تجاوزات ضباط الأمن في العدوان والإساءة إلى الأبناء والزوجات وتعذيب بعض المعتقلين، كما حدث في الفيوم والحوامدية بمحافظة الجيزة.