بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الموضوع يهمني جداً لانه يهم الشباب الغزاوي
وعلينا الحذر والحذر منه (( منقول من الصحافة للفائدة ))
حباتٌ من العرق تتصبّب على جبينها.. بينما ترتعش يدُها الصغيرةُ في جيبها مُحاولةً إخراج حبّة دواء صغيرة لتبتلعها خفيةً.. فقد حان وقت الجرعة.. وقد اعتادت- هي وكل خلية في جسدها وعقلها- على تناول هذا الدواء.
حبة الدواء تلك هي حبة دواء يدعي "الترامادول" أو كما يعرف بين العامة بـ "الترامال" (مسكّن شديد المفعول يحتوي على مركبات الأفيون المخدرة) وتتناوله "سعاد" (ابنة السابعة عشر ربيعاً) من وراء أهلها؛ بعد أن أدمنت عليه منذ أكثر من عام.
وبدأت قصة "سعاد" عندما أعطتها إحدى زميلاتها في فصلها المدرسي حبة "ترامال" أثناء الفسحة المدرسية، والآن أصبح ليلُها نهاراً ونهارُها ليلاً!.. وبياض عينيها صار شديد الاحمرار.. ووجهها فقدَ الكثير من معالم البهجة والنضرة التي تتسم بها الفتيات عادةً في مثل عمرها..
تقول "سعاد": "أشعر أنني لا أستطيع الاستغناء عن "الترامال" وأحاول ادخار كل ما أحصل عليه من مالٍ لشراء هذه الحبوب، وفي بعض الأحيان أشعر أنني ناقمة على نفسي؛ وأن هذه الحبوب تقيّد عنقي وستخنقني، خاصةً عندما أنظر لأمي وأتهرب من أسئلة أبي عن صحتي وعن سر الإرهاق والتعب الباديين في عيوني، ولا أعلم كيف أتخلص من أسر هذه الحبوب، ولا أعلم كيف يمكن أن أعيش بدونها".
وتنتشر في قطاع غزة- كما هو الحال في الكثير من بلدان المنطقة- ظاهرة تعاطي دواء "ترامال" بين مختلف الفئات العمرية بشكلٍ كبيرٍ جداً، وأحياناً بشكلٍ علنيٍ ودون خوف، حتى أنه في بعض تجمعات وجلسات الشباب يقوم شخص، بعد أن يتعاطى هذا العقار، بتوزيع باقي الشريط على المتواجدين معه بشكل علنيّ!.
أحد المتعاطين لهذا الدواء المخدر قال: "الـ "ترامال" يُباع في الصيدليات، وسهلٌ الوصول إليه، وبعض الأطباء يصفونه كعلاج؛ فما المانع من تعاطيه؟! خاصةً وأنه يجعل الشخص يعيش في عالمٍ آخر تغمره فيه السعادة، وينسى معها ،ولو لساعات، كلّ الهموم التي تشغل باله"!!.
وبنوعٍ من الاستهزاء يقاطعه صديقٌ له كان جالساً بجانبه قائلاً: "حِلّو عنّا، بكفينا ما نعانيه.. خلّينا نعيش باقي أيامنا.. روحوا دوّْروا على مواضيع صحفية لها علاقة بالسياسة والفقر والبطالة وتعبئة جرّة الغاز بدلاً من أن تلاحقونا"!!.
"ترامال".. في الشاي..!
أما "منى. ك" فتتحدث عن إدمانها لحبوب "ترامال" بعيونٍ باكية؛ إذ أول ما بدأت تتعاطاه كان ذلك عن طريق زوجها ودون درايةٍ منها!.
تقول "منى": "كان زوجي مدمناً على المخدرات، وبدأ يُنفق الكثير من المال لشرائها، وهو ما أزعجني كثيراً وأثّر على حياتنا بشكلٍ سلبيٍ أنا وأطفالي، وبدأت المشاكل تنشب بيني وبينه للإقلاع عن إدمان المخدرات؛ لكن دون جدوى".
وتابعت: "..بعد أن ملَّ زوجي من إلحاحي عليه أخذ يُذيب لي حبوب "ترامال" وغيرها من الحبوب المخدرة في المشروبات؛ خاصةً الشاي، وبعد فترةٍ أصبحت ألمس فرقاً بين المشروبات التي يوجد بها مخدر وتلك التي لا يوجد بها، وكنت قد وصلت لمرحلةٍ صرت معها أميل لتلك التي بها حبوب الـ "ترامال" المخدرة، حتى أصبحت أتعاطاه مثلي مثله، وهو الآن يقبع في السجن بسبب تعاطيه الحشيش والمخدرات بكثافة، إضافةً إلى تجارته بها، أما أنا فأهلي يحاولون مساعدتي على الخروج من مرحلة الإدمان لأعود لطبيعتي، كي لا أؤثر على أطفالي".
وتعبر عن حزنها الشديد لانتشار هذه الحبوب بين المواطنين؛ وإدمان الكثيرين منهم لها، "..مع العلم أن هناك حالات إدمانٍ شديدةٍ وخطيرةٍ لهذه الحبوب لا تعرف بها وزارة الصحة الفلسطينية ولا الجهات الحكومية الرسمية".
وتنصح كافة الشباب والشابات بـ "عدم الاستسلام أمام أيّ صنفٍ من أصناف المسكّنات أو الأدوية شديدة المفعول، أو أية أنواع من المخدرات؛ لأن مجتمعنا بحاجةٍ لنا ولطاقاتنا التي يجب أن تُستثمر في مكانها الصحيح".
يؤثر على الدراسة..!
أما "إمام.ع" (وهو طالب جامعي فقد ساقيه إثر إطلاق النار مباشرة على ركبتيه من قبل بعض الملثمين المجهولين أثناء فترة الاقتتال الداخلي في يونيو /حزيران عام 2007) فيؤكد بأن "أي شخص سيصيبه ما أصابني من ألم سيضطر إلى تناول أي دواء لتسكين الألم حتى وإن أدّى به ذلك إلى الإدمان.." مشيراً إلى أن ما يزعجه حالياً هو شعوره بالدوخة، والضبابية في النظر؛ عندما يتعاطى ذلك المسكّن، مما يؤثر على دراسته وتحصيله العلمي.
وأعرب عن أمله في أن "يتمكن من تركيب أطرافٍ صناعيةٍ والعودة إلى الحياة من جديد، وإيجاد ما يملأ عليه حياته بشكلٍ إيجابيٍ، والانصراف عن تعاطي أية مواد تضر بصحته ووقته كشاب.
24ساعة
من ناحيته قال د. "تيسير الطنّة" (أخصائي جراحة الأوعية الدموية في مستشفى الشفاء) بأن: "هناك بعض الأشخاص الذين يبدأون بأخذ بعض المسكنات كدواءٍ علاجيٍ، ومن ثمّ؛ يدمنون عليها، خاصةً مسكّن الـ "ترامال" إذ أنه مسكنٌ قويٌ جداً وطويل المدى، ويمحو الألم تماماً، وقد يمتد مفعول جرعته 24 ساعةً متواصلة.." مشيراً إلى أن "..من يتعاطاه يشعر بأن جسده هزيلٌ طوال اليوم، ويشعر بدوخةٍ في رأسه..".
وأضاف: "..نستخدم هذا المسكّن لمن بُترت أطرافهم، ولمصابي الأوعية الدموية، ولمن يصابون بـ "الغرغرينا" نتيجة بتر أطرافهم، وقد شاع ذلك خلال فترة الأحداث الداخلية؛ حيث الكثير من الشبان بُترت أطرافهم".
وتابع: "هذه المسكّنات القوية -وعلى رأسها الـ "ترامال"- إن استمر الشخص العادي أو المريض في استخدامها بشكلٍ متواصلٍ سيدمن عليها، وقد أدمنها بالفعل الكثيرون، لذا؛ نحن –كأطباء- نصفُها للمريض بشكلٍ مؤقت، ومن ثمّ؛ نعطيه بدائل.
إلا.. بوصفة طبية..!
من جهته قال الصيدلي "محمد الشامي" (والذي يعمل في صيدلية الدولي) أن: "هناك إقبالٌ شديدٌ من الشباب من الجنسين، وحتى كبار السن، على شراء وتعاطي مثل هذه المسكّنات، لكننا لا نقوم بصرفها إلا إذا كان لدى الشاب روشتة طبية.." مشيراً إلى أن لديه في الصيدلية سجلاً خاصاً بالمواد الخطرة، تعاينه الوزارة بشكلٍ دوريٍ لحصر عدد الذين يتعاطون مثل هذه الأدوية وغيرها من الأدوية الخطرة".
وأوضح "الشامي" أن "..شركة "دار الشفاء" بغزة تنتج هذا الدواء بترخيص من شركة ألمانية، والمادة الفعالة فيه تدعى "ترامادول هيدرو كلورايد" ويمكن أن تكون على شكل حبوب عيار 50 أو 100 أو150 ملجرام، ومنها الإبر والتحاميل أيضاً".
وأضاف "الشامي" أن: "الكثير من الأدوية تُباع كمسكّنات، وهي مسكّنات قوية جداً مثل "ألجونال وألجونال فور، وألجونال لايزين... الخ" ويمكن أن تتحول -مع كثرة الاستعمال- إلى إدمان، وذلك فيه خطرٌ على صحة الشخص المتعاطي لهذه المسكنات، ونحن لسنا ضد استخدام الأدوية مع الحالات المرضية، لكن ضد استخدامها كإدمان".
وطالب الجهات المسؤولة والمختصة بضرورة تشديد الرقابة على الصيدليات كافة، وأخذ كافة التدابير اللازمة للضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه للاتجار بأرواح وصحة المواطنين عبر شتى أنواع السموم والمخدرات".
لا أبيع مخدرات
أما الصيدلي "ح. ك" (وقد فضّل عدم ذكر اسمه، وهو أحد أصحاب الصيدليات الشعبية التي تبيع المسكنات قوية المفعول بما فيها الترامادول) فقال: "أنا لا أبيع مخدرات، وكل واحد عقله في راسه، فالشخص الذي يدفع لي المال ويطلب مني أي دواء في الصيدلية أبيعه دون أدنى تردد، فهو يعلم إذا كان ذلك الدواء نافعاً أو ضاراً بالنسبة له".
وتابع: "هذه المسكنات -سواء أكانت قويةً أو ضعيفة- موجودةٌ على أرفف الصيدلية كغيرها من الأدوية، وهي مسكنات تخفف الألم، ولا أعتقد أن الواحد منا سيتحمل الألم بينما توجد الأداة التي تخفف منه؛ حتى وإن كان ذلك بشكلٍ مؤقت".
إغلاق (7) صيدليات
من ناحيته قال الدكتور "منير البرش" (مدير عام الصيدلة في وزارة الصحة الفلسطينية) أن "ظاهرة تعاطي حبوب "الترامادول" انتشرت؛ ليس فقط محلياً ولكن عالمياً، وقد تفوّقت غزة في محاربة هذه الظاهرة، حيث نتمكن من الوصول شهرياً إلى حالتا إدمان فقط لهذه الحبوب، كما أننا اعتبرناه دواءً محظوراً يُمنع استخدامه إلا من خلال "بروتوكول" معيّن، وجاري الآن وضع مسوّدة قانون لوضعه ضمن الأدوية المخدّرة في الجدول الرابع -حسب الجداول المعتمدة من منظمة الصحة العالمية لتصنيف الأدوية- وسيكون جرم من يتناول هذا الدواء كالجرم الواقع على متناولي المخدرات، ومن المتوقع إصدار وسريان هذا القانون مطلع العام 2010".
وأوضح د. "البرش" أن: "دائرتا التفتيش الصيدلي والرقابة الدوائية تقومان -بشكلٍ يوميٍ- بمتابعة الصيدليات، واستقبال الشكاوى، والبحث عن الصيدليات والمصادر التي تقوم ببيع هذا الدواء بشكلٍ عشوائي، ويتعاون في ذلك معهما دائرةُ المباحث الطبية بوزارة الداخلية".
وواصل: "نقوم بتغريم الصيدليات المخالفة وتوجيه تنبيه لها، وإن استمرت؛ نوجّه لها إنذاراً، ونقوم –لاحقاً- بسحب رخصة مزاولة المهنة، وفي النهاية يمكننا إغلاقها بشكلٍ تام". مضيفاً أنه "..تم إغلاق سبع صيدليات خلال السنوات الثلاث الماضية في قطاع غزة؛ لتورّطها في بيع هذا الدواء بشكلٍ متكرر".
الأنفاق وتجّار الموت
وتابع د. "البرش": "الإشكالية ليست في ضبط الصيدليات؛ لكن المشكل الكبير هو في الأنفاق التي يُدخل تُجّار الموت من خلالها كمياتٍ مهولةً من هذا الدواء وغيره من الأدوية المشابهة، ليحققوا الأرباح الكبيرة على حساب صحّة ومستقبل المواطن الفلسطيني، لذلك؛ قمنا -بالتعاون مع وزارة الداخلية- باستصدار قرارٍ يتم بموجبه سحب ومصادرة جميع الأدوية التي تدخل عن طريق الأنفاق، لأننا نعتبرها أدويةً غير صالحةٍ ومهربة، وقد تم ضبط كمياتٍ كبيرةً من هذه الأدوية المهرّبة عبر الأنفاق، وضبطنا أكثر من مليون و300 ألف حبة ترامادول حتى شهر أكتوبر من العام 2009، وجاري مصادرة المزيد، وضبط العديد من التجار المروجين لهذا الدواء".
ونوّه د. "البرش" إلى أن "بعض الأدوية التي يتم تعاطيها من قبل بعض المواطنين؛ والتي لها ذات الأثر لحبوب الترامادول (مثل ما يعرف بـ حبوب السعادة وشداد القوة) يتم تصنيعها من قبل بعض الأشخاص في غرف وأزقّة في منطقة العريش على الحدود ما بين مصر وقطاع غزة، ويتم ترويجها وبيعها لتحقيق المكاسب المادية".
وقال: "هناك شركات رسمية حاصلة على إذن توريد لهذا الدواء، ونحن بدورنا نقوم بمعرفة مصادره من هذه الشركات ونقوم بتحليله؛ كي نعرف في النهاية الكميات الواردة والكميات المنصرفة منه، لكن الموجود في القطاع من هذا الدواء -بشكلٍ رسمي- لا يتجاوز الـ(5)% والـ(95)% المتبقية هي مهرّبة وغير رسمية".
وفيما يتعلق بالتصريحات التي أدلى لنا بها أحد المصادر الصحفية حول سرقة وتهريب بعض العاملين في مستودعات حفظ وتخزين الأدوية في وزارة الصحة لبعضٍ من شحنات حبوب "الترامادول" وغيرها من الأدوية المشابهة لبيعها والاتجار بها قال د. "البرش": "أتحدى أن تكون حبةً واحدةً أخرجت من وزارة الصحة بشكلٍ غير رسمي، فبوابات المخازن مقفلة، ونحن نتبع نظاماً عالمياً في استخدام مثل هذه الأدوية، وصولاً إلى إتلاف أنابيبها الفارغة ومتبقياتها في المحارق".
وطالب د. "البرش" بـ "ضرورة فتح المعابر الرسمية أمام حركة البضائع والأدوية كي نستطيع القضاء على ظاهرة الأنفاق، ومن ثمّ المساعدة في القضاء على انتشار هذا الدواء بين المواطنين الفلسطينيين".
4 مليون حبة
المقدم "جميل الدهشان" (مدير عام إدارة مكافحة المخدرات) اعتبر أن المشكلة ليست في حبوب "الترامادول" الموجودة في الصيدليات؛ لكن المشكلة تكمن في حبوب "الترامادول" التي تأتي عبر الأنفاق، إذ ليس عليها رقابة، كما أن الكثير منها يتم فتح كبسولتها ووضع مواد أخرى في مكوّناتها.." مشيراً إلى أن "بعض الصيادلة وبعض الأطباء يعملون بشكلٍ خفيٍ وغير واضحٍ على ترويج وبيع هذه الحبوب، وبذلك يصبحون أحد الوسائل المعاونة لتجار المخدرات".
وأوضح أن "الكثيرين من متعاطي الهرويين والكوكايين والحشيش وغيرها من أنواع المخدرات باتوا يلجأون لتعاطي هذه الحبوب عوضاً عن تلك المخدرات، فهي بالنسبة لهم وسيلة لتحقيق الهدف المنشود بطريقةٍ أسهل وأكثر آماناً".
وتابع "الدهشان": "يصعب أن نحصي عدد المتاجرين بهذه الحبوب وغيرها من السموم والمخدرات، فكل يوم ينضم تاجر جديد للتجارة بهذه الحبوب، وهناك تجار كبار وصغار، فلم يعد الأمر قاصراً على تجارٍ معروفين أو ثابتين، بل صاروا يتغيرون ويتبدلون؛ في ظل غياب الرقابة المحكمة على الأنفاق، ولسهولة جلبها من مصر، ناهيك عن الربح السريع والكبير الذي يحققه التاجر من وراء هذه الحبوب، لاسيما وأن الشريط الواحد كان سعره 7 شواقل أما الآن فسعره ما بين (45-60) شيقلاً، وبذلك يمكن لنا أن نتخيل المبلغ الكبير الذي يمكن أن يحققه التاجر من وراء صفقة ولو كانت بسيطة من وراء هذه الحبوب".
وقال: "ضبطنا مؤخراً ضبطيةً كبيرةً جداً من هذه الحبوب لتاجر مخدرات لم يتجاوز عمره الـ(23) عاماً، وأخرى لتاجرٍ يبلغ من العمر 18 عاماً، وآخر 19 عاماً".
وأضاف: "من أكبر الضبطيات التي صادرناها كانت عبارة عن نصف مليون حبة ترامال". مشيراً إلى أنه: "..خلال العام 2009 الجاري تم ضبط حوالي 4 مليون حبة ترامال، وتم تقديم المتورطين في ذلك للعدالة؛ لاتخاذ الإجراءات العقابية اللازمة".
ونوّه "الدهشان" إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي يحاول إغراق قطاع غزة بهذه الحبوب؛ وذلك عن طريق العملاء والمتعاونين معه، فبدلاً من إعطاء العميل مكافأة مالية يتم تزويده بكميات كبيرة من هذه الحبوب ليبيعها؛ ويحصل على المكسب المادي من ورائها، ولدينا محاضر واعترافات رسمية لعشرات من هؤلاء المتعاونين".
سمكة صغيرة في بحر الحيتان
"ف. ن" تاجرٌ صغيرٌ لم يتجاوز عمره الـ20 عاماً، أخبرنا أنه بدأ يتاجر بحبوب "الترامادول" بعد أن زجّ به والده للعمل في بيع الحلويات على إشارات المرور في الشوارع العامة، وقد كان لا يطيق هذا العمل؛ خاصةً وأن الكثيرين ممن يعرفونه كانوا يُسمعونه الكثير من الكلمات النابية في الذهاب وفي الإياب، ناهيك عن الصراخ في وجهه من قبل بعض السائقين عندما يُلح عليهم ليشتروا منه.
وتابع: "وجدت أن المتاجرة بهذه الحبوب أكثر سهولة وأكثر ربحاً، حتى وإن كانت تجارتي بكميات قليلة من الأشرطة والحبوب "المفرفطة" من هذا الدواء إلا أنني لا أعود إلى أبي في المساء إلا وجيوبي مثقلة بعشرات الشواقل".
واستطرد قائلاً: "أشعر بأنني كالسمكة الصغيرة عندما أرى حيتان التجار بهذه الحبوب.. وسأظل أكبر وأتسلق على ظهور هذه الحيتان إلى أن أصبح مثلي مثلهم".
واعتبر "ف.ن" أن "الحكومة لن تستطيع القضاء على انتشار حبوب "الترامادول" إلا بإغلاق كافة الأنفاق بين مصر والقطاع- وهذا أمر بالتأكيد مستحيل-، إلى جانب رفع الحصانة والغطاء عن بعض التجار الكبار والمتنفذين".
دق ناقوس الخطر
من جهته؛ فإن الدكتور "محمد العفيفي" (مدير مكتب الأمم المتحدة المعني بالوقاية من الإدمان والجريمة) يحذر كافة المواطنين ،خاصة المتزوجين منهم، من استعمال عقار ودواء "ترامال" موضحاً أنه "ونتيجةً لحالة الإحباط واليأس التي يعاني منها المواطنون ،خاصة الأزواج، فإنهم يترددون على الصيدليات لشراء هذا العقار، ظناً منهم أنه سيخفف عنهم ويشعرهم بالسعادة، كما يعتقدون أنه يمكن أن يطيل مدة الجماع للمتزوجين، وبالتالي؛ سيؤخر عملية القذف، ولا يدركون مدى خطورته ومضاعفاته على صحتهم إن تم الإدمان عليه، إذ يؤدي إلى العجز الجنسي المبكر، والفشل الكلوي وتليّف الكبد، والخرف المبكر".
ويضيف: "..الشخص الذي يستخدمه باستمرار لا يستطيع أن يمارس العملية الجنسية إلا من خلاله، وهذا ينعكس سلباً على نفسيته من جميع الجوانب، خاصة المتعلقة منها بالناحية الجنسية، كما أن هذا العقار يُستخدم في العادة كمسكّنٍ قوي للآلام وليس للاستخدام كعقار يتحكم بحياة الشخص ويسيطر عليه ويخرجه عن طبيعته الجسمية والنفسية".
ويطالب د. "العفيفي" بـ "ضرورة دقّ ناقوس الخطر من قبل الجهات المعنية والمختصة لعمل حملات توعوية وتثقيفية، وشرح مخاطر استعمال هذا الدواء لكافة شرائح المجتمع، وسنّ القوانين الرادعة للقضاء على هذه الظاهرة بشكلٍ تام".