جمعتها الواحدة تلو الأخرى .. لم أنسَ أيًّا منها ..
ففي هذه بالذات تتفوق الذاكرة على عوامل التعرية بالنسيان ..
بل إن النسيان لا يتجرأ على الاقتراب من هذه المنطقة المحظورة ..
الحياة مدرسة .. و الجراح تدريب شاق على الصبر ..
و ليس أعمق من السذاجة داء ينسف جسور الاستمرارية ..
هنا .. أشتهي ثرثرة الماضي و الحاضر و المستقبل ..
أشتهي البكاء دون دمع .. و الأنين دون صوت .. و الرحيل دون رجعة ..
تتغير الأصوات بين صخب و هدوء .. لكنها تتشابه في العمق ..
كلها تشي بالحزن .. بنكران الذات و الرغبة في الانهيار ..
كلها تتحدث لغة الضعف و تعبق برائحة الندم ..
كلها تحرر ما تجاهد الضلوع في سجنه خلف قضبانها ..
و تفضح ما تتعاند البسمات و تتزاحم لإخفائه ..
كأنها تنطق بدلا عن ألسنتنا الخرساء و أفئدتنا البكماء ..
كلها تأخذنا حيث لا نرغب بالذهاب ..
إلى الذكرى ..
\
\
في مثل هذه المناسبات الرهيبة بأعبائها و ثقل آهاتها نحتاج لطلب الصفح ..
بل إننا في الغالب نلجأ لطلب الصفح حتى لا نحرق ما تبقى من أرواحنا بشعلة جنون ..
نتأسف لأنفسنا .. و نعتذر .. لأننا كنا كما لا نرجو ..
لأننا خذلْنا أنفسنا كما خذلَنا الآخرون ..
لأننا لم نستطع الوفاء بوعودنا و الرحيل عن جرحنا و التخلص من بعثراتنا ..
لأننا انزلقنا بنفس السهولة في نفس الحفرة إلى نفس المصير ..
لأننا .. لم نتغيـــر مهما بذلنا من جهـــد !!
....
و يبقى الأمل في التظاهر حلا مؤقتا نعلل به النفس إلى حين نسيان ..
\
\
و فقدنا أنفسنا ..
و تمددت بقايا العظام النخرة ترتدي ثيابنا ..
و تسللت الأشباح لتأخذ أماكننا الشاغرة بوجودنا ..
و في نفس المكان الذي ولد فيه الحلم .. مات ..
.....
ودي لروحكم الطاهره
برستيجي دلع